جائزة نوبل التونسية. الحوار كفضيلة سياسية

                                                                           جائزة نوبل التونسية

                                                                         الحوار كفضيلة سياسية

                                         بقلم باتريس بارا مؤسس و مدير تنفيذي لمبادرة الجسر العالمية .

بدا اﻷمر في غاية البساطة ، لقد كانوا جميعا على خشبة المسرح ، مجتمعين للمرة اﻷولى منذ صدور الخبر من أوسلو قبلها بأسبوع (في التاسع من أكتوبر 2015) ؛ بأن ثمرة توحيدهم لقواهم كانت جائزة نوبل للسلام .

أمام أعيننا في باريس في معهد العالم العربي تحدث الرباعي عن نظرته المستقبلية و مصير الشعب التونسي الذي كان في نظره هو الفائز الحقيقي بالجائزة .

تلك لم تكن كذبة .

مبادرة الرباعي كانت تمثل فعلا المجتمع المدني في أحسن صورة و الحوار الوطني الذي جسدوه لحد الآن يعتبر حقيقيا و صريحا .

و الذي يسمح لي بالتحدث هكذا هو أنني كنت متواجدا هناك تقريبا كل شهر منذ 2012 مع المنظمة غير الحكومية “مبادرة الجسر العالمية” لمحاولة بناء وساطة بين الشباب و الحكومة ؛ و كوني صحفيا لقد قمت بتغطية تونس منذ الثمانينات بما في ذلك ” أعمال شغب الخبز” ألتي هزت البلد في 1984 و كادت أن تتسبب في ثورة.

حدثت الثورة ، لكن بعد 23 عاما من نظام بن علي .

في 1987 قام بإسقاط الحبيب بورقيبة الذي يعتبر إلى مدى بعيد والد اﻷمة ، محررها من اﻹستعمار الفرنسي و رجل حداثة منح النساء التونسيات حقوقا لا مثيل لها في العالم العربي .

تقريبا لآخر لحظة إستفاد النظام الفاسد و الدكتاتوري لبن علي بدعم من الغرب (الولايات المتحدة و اوروبا) الذي كان يرى فيه حليفا اقتصاديا و استراتيجيا ضد اﻹسلاميين الراديكاليين ؛ غير أن الربيع العربي التونسي بقيادة شبابه و الذي أطلق موجة ربيع عربي في أماكن أخرى ، كان أقوى من القوى الجيوسياسية و ثورة الياسمين في 2011 أثبتت سيادتها .… Continue reading

نوع جديد من المجابهة والذكرى الخامس والعشرون لمنتدى موسكو العالمي

هجمات باريس العنيفة التي تمخضّت خلال الأسبوع الماضي عن سبع عشرة ميتة ودفعت الملايين للزحف في شوارع باريس من أجل الوحدة، هي أعراض مجابهة من نوع جديد مزقت نظم الحياة والسياسة والاقتصاد. إن الاختلافات الصارخة في الدين والحضارة، والطريقة التي نسعى فيها لنعيش حياتنا، دفعت الكثيرين حول العالم لأن يتصوروا أنّ حياتهم هي على خلاف مع الآخرين، مما يدفعهم لأن  يلتزموا التزاما صارما بأيديولوجية لها دور واضح بالنسبة لكل المعنيين. إنّ الخوف والتشاؤم وانعدام الثقة هي من صفات ردود الفعل اليومية التي تظهر في كثير من انحاء العالم كما في سياساتنا الدولية على حد سواء.

Moscow Photo

قبل خمس وعشرين سنة من اليوم بدأ المنتدى العالمي للزعماء البرلمانيين والدينيين في موسكو فرمز إلى بداية عهد جديد من الانفتاح والتفاؤل، وأغلق في نفس الوقت فترة مظلمة من فقدان الثقة والخلاف. لم يمض وقتها إلا شهران على سقوط جدار برلين، كما كان الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة يبحثان عن طريقة للتعاون بعد الحرب الباردة. وقد قبل الرئيس غورباتشوف الذي قاد احتفالات الاتحاد السوفيتي بأن يستضيف في الكرملين أكثر من ألف رجل دين وقائد سياسي في حوار يجري لعدة أيام ليناقش المسائل العالمية الشائكة. هذا على خلاف ما يجري اليوم، لأنّ الزعماء كانوا يبحثون وقتها عن طرق جديدة للتقدم ويشقون طريقهم من خلال محادثات جديدة بدلا من إغلاق طريق الحوار.

لقد اختار الناس طريق الثقة والمشاركة رغم الانقسامات الثقافية والسياسية. اجتمع في المنتدى العالمي إذن أكثر من ألف رجل  دين وقائد سياسي من مختلف أنحاء العالم، والتقوا كأفراد  متساوين ليناقشوا التحديات الكبيرة التي تواجه البشرية جمعاء. وقد ردد جميع المشاركين صدى خطابه الافتتاحي، وكان بينهم:

    • السيد خافير بيريز دي كويلار، الأمين العام للأمم المتحدة
    • غرو هارلم بروندتلاند رئيس وزراء النرويج
    • السيناتور ألبرت غوري
    • الشيخ أحمد كفتارو المفتي العام في سورية
    • ايمانويل جاكوبوفيتس كبير حاخامات المملكة المتحدة
    • الدكتور ايلي فيزيل الحائز على جائزة نوبل للسلام
    • الدكتور كارل ساغان
    • صاحب النيافة ثيودور هيزبورغ
    • وكثير آخرون

اختلاف لهجة المحادثات وجوهرها.Continue reading